اللوبي العربي في امريكا -الجزء الرابع.

د .سالم سرية  - اكاديمي وكاتب (فلسطين).

بعد وصول ترامب الجمهوري الى سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية تكشفت عمق الصلة بين اللوبي الإيراني واوباما وطاقمه الرئاسي بحيث انحاز اوباما وبشكل سافر الى ايران (وهذا  ما اشعل غضب المملكة العربية السعودية وذهب اوباما وقت ذاك الى السعودية لتهدئة خواطرهم) .وهنا يتسائل المواطن العربي : لماذا ينجح اللوبي الايراني ومثله اللوبي اليوناني الذي انقذ اليونان من محنتها الاقتصادية وكذا اللوبي الصربي  بينما يفشل اللوبي العربي في طرح قضاياه العادلة ؟ وللاجابة على ذلك اشرنا في الجزء السابق الى ثلاثة عوامل نستكملها ادناه ونقول :

رابعا : اللوبي الصهيوني هو أقدم من اللوبي العربي ومن الأقلية المسلمة في امريكا، وقد عمل جاهدا على صد أية فرصة لنشاط اللوبي العربي ، بل وعمل على فرقته  وتشتيته  بين المتطلبات والأحلام العامة والخاصة به.كما  انه أكثر قدرة على التفاهم مع العقلية الأمريكية، وذلك لأسباب عدة منها: الارتباط الديني بين المسيحية واليهودية في عدة مساحات  بعد ان نجح من قبل في تحقيق انتصارات ايديولوجية مدوية من خلال تحقيقه مصالحات تاريخية مع الكنيسة الكاثوليكية وعدد من الكنائس البروتستانية. بحيث ترسخ في قناعات رجل الشارع الأمريكي الآن أن العهدالجديد ما هو إلا امتداد للعهد القديم وان المسيحية امتدادا لليهودية ، وان الاسلام هو الدين الوحيد المختلف اضافة الى تقارب العادات والقيم الغربية لأنه من المعروف أن اليهود في امريكا ماهم إلا لم شتات   من الدول الغربية كافة مما أوجد نوعا من التفاعل بين المجتمع الغربي والإسرائيلي الذي طالما كان مفقودا مع العرب).1)

خامسا: أن اليهود ينظرون إلـى وجــود (إسـرائـيـل) كـأسـاس لـوجـودهـم كمجموعة وكـأسـاس لهويتهم كـيـهـود. أمـا عـرب أميركا فليس لديهم هذا النوع من التعلق بالمنطقة العربية. والسياسة الخارجية تهمهم من باب أن نظرة أفضل للمنطقة العربية ستنعكس إيجابيا عليهم كمجموعة داخل المجتمع الأميركي، أما السياسة الخارجية بحد ذاتها ليست ذات أهمية. وهذا ما يفسر فشل الرابطة الوطنية للعرب الأميركان(2)   

خامسا: على دول الخليج العربي إذا كانت تريد التأثير على الولايات المتحدة، أن تهتم بالنظر إلى المجتمع الأميركي أولا بدلا من النظر إلى القيادات العليا، وهذا ما يتماشى مع ما قاله تيب أونيل، المتحدث الرسمي السابق باسم البيت الأبيض، الذي أكد أن “السياسة بالأساس محلية، يتم تحديدها من خلال عوامل مجتمعية. ودول الخليج تدرك أهمية بناء لوبي قوي في الولايات المتحدة، لكن لن يعمل هذا اللوبي إلا إذا انخرط بكل قوة في المجتمع العربي في الولايات المتحدة لذلك، لا مفر، كما تقول دانيا  الخطيب، من التواصل مع المؤسسات العربية في الولايات المتحدة الأميركية من أجل تحسين الصورة والضغط، وهما أمران متكاملان (3)

 ومن جهة ثانية فإن الجالية العربية لا تبدو في وضع يؤهلها لتحقيق التوازن المطلوب مع اللوبي الصهيوني وذلك للصعوبات التالية (4):     

1-       نقل المهاجرون العرب مشاكل الوطن إلى المهجر، وحول بعضهم دول المهجر إلى ساحة لتصفية حسابات تاريخية يصعب بل ويستحيل الوصول إلى حسمها بطريقة ترضى كل الأطراف كما.

2-       ركز بعضهم على الاندماج في المجتمع الجديد لدرجة نسيان كل ما يرتبط بالوطن الأم، ودخول بعضهم الآخر في خلافات مذهبية مع إقليات أمريكية كان من الممكن أن توفر دعما للجاليات العربية  .

   .

وحول النظرة المستقبلية لبناء لوبي عربي مؤثر في امريكا (ص- 230- ص237 )تختتم الخطيب اطروحتها بالتمييز بين نسج العلاقة بين الرئيس وطاقمه وبين بناء العلاقة مع اعضاء  الكونغرس ومجلس النواب .ففي الحالة الاولى نجحت صفقة الاواكس في عهد ريغان لظروف تتعلق بالحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي بينما فشلت صفقة الامارات لإدارة الموانئ الامريكية في عهد بوش الابن بفضل اللوبي الصهيوني.حيث تقول : ((وفيما عارض الكونغرس معظم مبادرات الرئيس كلينتون في السياسة الخارجية، كان للرئيس بوش كونغرس متعاون . الفارق في مدى التعاون بين الكونغرس والرئيسين ريغن وبوش كان تبعاً لحقيقة أن الولايات المتحدة كانت تحت الهجوم المباشر في ظل إدارة بوش. والطريف أن مفهوم المصلحة الوطنية الذي سمح لبوش أن يحشد الكونغرس إلى جانبه في قضايا السياسة الخارجية الرئيسية مثل الذهاب إلى أفغانستان أو الى العراق، والذي سمح له بزيادة الإنفاق في العراق أيضا  قد استخدم ضده في قضية دبي للموانئ  ففي الوقت الذي ظهرت فيه صفقة »دبي للموانئ « كانت سلطة بوش قد تقلصت. وعلى الرغم من أنه كان لبوش سنة ٢٠٠١كونغرس متعاون، لكن الموجة عادت فاختلفت كلياً في حدود سنة ٢٠٠٦ وقادت من ثمة إلى خسارته الأكثرية في مجلسي الكونغرس في انتخابات ٢٠٠٦ . حدث ذلك بعد إعصار كاترينا، حين كان بوش في ولايته الثانية وقد هبطت شعبيته على نحو رئيسي )).(5)

وهناك نقطة مهمه جدا يتجاهلها الباحثين العرب وهي ان هناك لوبي امريكي (وصهيوني) فاعل في الاقطار العربية  وينخر نسيج الانظمة العربية ويحاول الوصول الى خلايا المجتمع العربي.فهذا اللوبي يعبر عن نفسه من خلال جوقة من الاعلاميين ورجال اعمال ومفكرين متأمركين وكفاءات مهنية وعلمية تشبعت بالنموذج الامريكي وتحصنت داخل اجهزة الحكم او تسترت خلف احزاب ليبرالية ومنظمات المجتمع المدني .فهذا الرعيل يجد الدعم والرعاية من السفارات الغربية بشكل عام والامريكية والفرنسية بشكل خاص .  فالنفوذ الامريكي في المشرق العربي  والفرنسي في المغرب العربي قد روى جذور الدولة العميقة في هذه الاقطار بمصل الحياة لسنوات طويلة وجاء الكيان الصهيوني فيما بعد ليعززها .فهذا اللوبي يتناغم ويتواصل مع اللوبي الصهيوني في امريكا (والغرب عامة)وهذا التناغم اصبح مرئيا ويطفوا على السطح بعد ان كان مستترا لزمن طويل.فهذه الانظمه قد انتقلت من دور المساندة للشعب الفلسطيني لتحرير ارضه (وهو المطلوب باعتبارها القضية المركزية للامه ) الى دور الوسيط الضاغط على الشعب الفلسطيني ليستسلم .كما انها لا تهتم الا بقضاياها القطرية حتى ولو كانت على حساب قضية فلسطين او القضايا القومية الاخرى.

الهوامش:

1-النداف د.فارس النداف )  مجلة جامعة تشرين -الآداب والعلوم الإنسانية المجلد3   العدد  6 عام2014

2- د.دانية قليلات الخطيب- -اللوبي الخليجي العربي ص230--ص237اطروحة دكتوراة ورابط التحميل للكتاب باللغة العربية:

https://www.elsiyasa-online.com/2020/01/Download-the-book-the-Arab-Gulf-lobby-in-America-between-ambition-and-reality.html

3-       اللوبيات العربية في أميركا: جماعات ضغط ضعيفة أمام تحديات كبرى

https://alarab.co.uk

4-النداف مصدر سابق

5- دانيا الخطيب –مصدر سابق ص231-ص237

لمزيد من التفاصيل انظر الى رسالة ماجستير   : 

 تأثير اللوبي الصهيوني في السياسة الخارجية المريكية تجاه القضيةالفلسطينية -منذر نظام حسني المحتسب-2006.

ورابط التحميل:عمادة الدراسات العليا library.birzeit.edu